تحليل قولة فلسفية
" من البين أننا لا نعرف نفوس الآخرين كما هي إلا معرفة قائمة على التخمين"
يتسم الوضع البشري بكثير من التعقيد، إذ تتداخل في تشكيله مجموعة من الشروط والأبعاد المتضافرة فيما بينها، ذات طابع ذاتي وتفاعلي، وتتأطر القولة الماثلة أمام ناظرنا ضمن البعد التفاعلي الذي يتمثل في وجود الإنسان كأنا آخر يشاركنا الوجود في هذا العالم، نتواصل معه ونسعى لمعرفته وتفهمه رغم ما يوجد بيننا من اختلاف، فهل يمكن معرفة الغير معرفة يقينية أم أن معرفتنا به تظل معرفة تخمينية معرضة للخطأ؟
نلاحظ أن مضمون القولة يشير إلى أطروحة مفادها أن معرفتنا بالغير تظل معرفة تخمينية افتراضية لا تقوم على اليقين، ولتوضيح هذا التصور الوارد في القولة ننطلق من تحديد مفهوم الغير الذي هو الأنا الذي ليس أنا، أي انه ليس ذلك الآخر المشابه لي فقط، وإنما هو ذات تختلف عني في الوقت ذاته، وبحكم هذا الاختلاف الموجود بيني وبين الغير فإن معرفتي به تظل معرفة تخمينية أي معرفة مبنية على الظن خاصة أنه لا يمكنني أن أحقق معرفة بالغير مباشر بواسطة الوعي، وإذا انطلقنا من معرفتنا بذواتنا وأسقطنا هذه المعرفة على الغير، فإنها ستكون لا محالة معرفة خاطئة، فمثلا حين يكون الشخص في حالة انفعالية كالغضب فإن حكمه على الآخرين من خلال ذاته سيكون حكما بعيدا عن الصواب، ذلك أن أحاسيس ومشاعر وميول الذات تظل مغايرة لأحاسيس ومشاعر وميول الغير.
وفي هذا السياق يمكن الاستئناس بما قدمه الفيلسوف نيكولا مالبرانش الذي يتبنى الموقف المعبر عنه في القولة ( موقف مالبرانش) ........، وفي مقابل هذا التصور نقدم أطروحة ماكس شلر الذي يعارض الموقف الوارد في القولة حيث يقول ............( موقف ماكس شلر)
نخلص إلى ان التخمين أو المماثلة لا تمدنا بمعرفة مباشرة بالغير، بل تظل معرفة قائمة على التخمين، لذا لا بد من التواصل معه وخلق وضعية مشتركة، مع وجوب النظر إليه كذات وليس كموضوع زيادة على أن محاولة تحقيق معرفة شاملة وكلية بالغير يبقى دربا من الوهم والخيال.
قولة لنيكولا مالبرانس
ردحذف