القائمة الرئيسية

الصفحات


مفهوم الغير


إن الانسان لا يستطيع أن يعيش وحيدا ومعزولا في العالم، إنه في حاجة دائمة إلى الاخرين، ذلك أن الحاجة إلى وجود الغير هي من الضروريات الاولى التي تفرض نفسها على الفرد، فالغير هو ذات إنسانية تشبهني وتختلف عني، تملك من الوعي والارادة ما تملكه الذات، لكنها ليس ذاتي، ومن هنا تنشأ إشكالية مفهوم الغير، كونه ضروريا لوجودي، وهو يشاركني في العالم ويحد من حريتي، فهل وجود الغير ضروري بالنسبة للانا  لتحقق وعيا بذاتها؟ وهل يمكنني إدراك الغير بصفته وعيا أم أم أن معرفتي به هي مجرد افتراض وتخمين؟ وما طبيعة العلاقة التي يمكن أن تنسجها الأنا مع الأغيار؟

المحور الأول: وجود الغير

وضعية مشكلة:
تظهر لنا بوضوح تام اجتماعية الانسان من خلال الفيلم الامريكي "وحيد في العالم" لـ توماس هانكس، الذي تقمص شخصية تشك الذي يعمل في شركة توزيع الطرود، لكنه بعد سقوط الطائرة وجد نفسه وحيدا في العالم معزولا عن الناس، هذه العزلة جعلته يفكر في الموت والانتحار، لكن تشك في حياته اليومية على الجزيرة خلق شخصية "ويلسون" وهي كرة رسم عليها ملامح انسان واصبح شخصية ويلسون هي الشخصية التي يعبر لها تشك عن آلامه وآماله. وأكثر من ذلك عندما ضاعت منه هذا الشخصية (الكرة) وسط البحر خاطر بنفسه من أجل إلتقاطها ( إنقاذها).
يتضح من خلال هذه الوضعية مدى حاجة الأنا إلى وجود الغير، فالغير هو الأنا الاخر الذي يشاركنا الوجود في العالم، فهل وجود الغير ضروري للأنا لتحقق وعيا بذاتها أن وجوده يمكن أن يشكل مصدر تهديد لوجودها؟

تحليل نص " تهديد الغير" لـ مارتن هايدغر"

إشكال النص:
هل وجود الغير يشكل مصدر تهديد للأنا أم أنه إغناء لذاتها؟
وهل وجوده يسلب الأنا مميزاتها وسماتها الخاصة أم أن وجوده إغناء للذات؟

أطروحة النص:
يقدم مارتن هايدغر أطروحة مؤداها أن الغير يشكل مصدر تهديد للانا، فالوجود المشترك مع الغير يجرد الأنا من إمكاناتها وسماتها الخاصة، فتفقد هويتها وتغدو مشابهة لعموم الناس وكأنها لا أحد.

المفاهيم المركزية
الموجود-هنا: الوجود الفردي المتميز للأنا، بمعنى وجود الانسان بما هو إنسان يتجاوز وجود الأشياء.
الوجود مع الغير: الحياة الاجتماعية التي تحدد وجود الذات.

أفكار النص
-         إن الوجود المشترك مع الغير يجرد الانا من كل سماتها ومميزاتها الخاصة.
-         إن الوجود مع الغير يفرغ الموجود- هنا من كينونته، ويجعله في قبضة الغير وتحت رحمته.
-         إن الوجود الفردي الخاص للموجود هنا يختفي أمام نمط الوجود مع الغير.
-         إن الوجود المشترك مع الغير يقضي على كل تميز او اختلاف او خصوصية، فهو يذيب كليا الموجود- هنا.
-         إن الانغماس في الحياة اليومية في الوجود المشترك مع الغير يقضي على ذاتية الموجود هنا وأصالته، ويجعل كل ذات مشابهة لعموم الناس وكأنها لا أحد.
حجاج لنص
لإقناعنا بموقفه قد هايدغر أمثلة مستقاة من حياة الناس اليومية مثلا:
·        " في استعمالنا لوسائل النقل العمومية، أو في استفادتنا من الخدمات الاعلامية...)
·        إننا نتسلى ونلهو كما يتسلى الناس ويلهون ... ونعتبره فضيحة ما يعتبره الناس كذلك ..)
هذه الامثلة توضح انغماس الانسان المعاصر في الحياة اليومية، وتؤكد أن الوجود المشترك مع الغير يجرد الانا من كل سماتها الخاصة ويجعل كل واحد منا مشابهة لعموم الناس وكأنه لا أحد، وهنا يبرز الضمير المبني للمجهول "on"  أو عموم الناس.





المحور الثاني: معرفة الغير

إن الغير هو انا اخر يشاركنا الوجود في العالم، نتفاعل معه باستمرار، نسعى الى معرفته وتفهمه داخل وضعيات مشتركة، فهل معرفة الغير ممكنة أم مستحيلة؟ وإذا كانت معرفته ممكنة، فهل يمكن معرفته كذات واعية أم أن هذه المعرفة تظل مجرد افتراض وتخمين؟

تحليل نص " صعوبات معرفة الغير"  لــ نيكولا مالبرانش

أطروحة النص:
يؤكد "مالبرانش" على صعوبة معرفة الغير، فلا يمكن أن نعرف الغير معرفة يقينية مباشرة، بل تظل معرفتنا به معرفة تقريبية افتراضية معرضة للخطأ، ما دامت تتأسس على التخمين ومماثلة الأنا بالغير.
المفاهيم المركزية
المعرفة: النشاط العقلي الذي تتمثل من خلاله الذات العارفة موضوعا ما.
التخمين: هو الافتراض والتوقع، والمعرفة التخمينية لا تنبني على اسس متينة وتكون معرضة للخطأ، كما أنها تحتمل أن تكون صائبة.
المماثلة: عملية معرفة الغير انطلاقا من معرفتي بذاتي، واسقاط هذه المعرفة على الغير.
أفكار النص:
-         إن معرفتنا بنفوس الاخرين هي معرفة تتأسس على التخمين، وهذا ما يتضح من قول مالبرانش " من البين أننا لا نعرف نفوس الآخرين كما هي إلا معرفة قائمة على التخمين"
-         لا يمكن للذات أن تعرف نفوس الاخرين معرفة مباشرة بواسطة الوعي.
-         يؤكد مالبرانش على وجود نوع من المماثلة بين تفكير الأنا وتفكير الغير، لكن في ما يتعلق ببعض المسائل العقلية البسيطة التي يشكل العقل فيها القاسم المشترك، مثل معرفة أن حاصل ضرب اثنين في اثنين يساوي أربعة.
-         إن معرفة أحاسيس ومشاعر وميول الغير اعتمادا على المماثلة أو الافتراض، يوقعنا في الخطأ، لأن هذا الاحاسيس والمشاعر تتعلق بالانفعالات التي تختلف من شخص لآخر.

حجاج النص:
اعتمد نيكولا مالبرانش الية حجاجية أساسية هي آلية المثال وذلك من خلال تقديم :
-         امثلة لبعض المعارف العقلية البسيطة التي يمكن معرفة أن الغير بدوره يعرفها، " إني أعرف أن اثنين في اثنين تساوي أربعة ...."
-         أمثلة لبعض الانفعالات التي تجعل الانا تخطيء في حكمها على الاخرين إذا انطلقت من ذاتها، مثلا الميول نحو بعض الاجسام أو النفور منها ...




المحور الثالث العلاقة مع الغير

إشكال المحور:
 







إذا كان الغير هو الأنا الذي ليس أنا المشابه والمخالف لي، أي أنا آخر يملك من صفات الوعي والارادة والحرية ... ما تملكه الذات، يشاركنا الوجود في العالم نتفاعل معه عبر اشكال متعددة، فما طبيعة العلاقة التي تنسجها الأنا مع الغير؟  وما طبيعة العلاقة التي يمكن أن تجمعنا بالغير سواء كان قريبا أو بعيدا؟ هل هي علاقة صداقة أم غرابة؟

موقف أرسطو:

تحليل نص " الصداقة أساس العلاقة مع الغير" لـ أرسطو

صاحب النص
أرسطو (384.ق.م- 322 ق.م) فيلسوف يوناني درس في أكاديمية افلاطون، ارتبط اسمه بصياغة قواعد المنطق صياغة نسقية من أهم مؤلفاته:
-         " السماع الطبيعي".
-         " الميتافيزيقا".
-         " الأخلاق إلى نيقوماخوس"
أفكار النص
-         إن الصداقة – حسب أرسطو- هي إحدى الحاجات الأشد ضرورة للحياة التي لا يمكن للإنسان ان يستغني عنها.
-         لا يمكن لأي إنسان كيف ما كان ان يعيش بلا اصدقاء، مهما كان عمره  ( طفلا، شابا، كهلا، شيخا) أو مرتبته الاجتماعية (فقيرا، غنيا ...)
-         إن المال أو الجاه أو السلطة لا يمكن أن تشكل للأنا بديلا عن العيش مع الأصدقاء.
-         تتأسس الصداقة – حسب أرسطو- على الفضيلة، فهذه الصداقة هي تدوم وتستمر بخلاف صداقة المتعة والمنفعة التي تزول بزوالهما أي بزوال المتعة والمنفعة.
-         إن الانسان يميل بشكل فطري الى العيش مع الاخرين ونسج علاقات معهم
-         إن الصداقة لو سادت بين أعضاء مجتمع ما لما احتاجوا الى العدالة والقوانين، فهي كفيلة بنشر المحبة والعطف والود بين أفراد هذا المحتمع.

مفاهيم النص
-         الصداقة: علاقة تبادلية بين شخصين، وهي علاقة حب وود، ويميز أرسطوا بين ثلاثة انواع من الصداقة: صداقة المتعة ، صداقة المنفعة، صداقة الفضيلة
-         الفطري: كل ما يولد مع الكائن، أي مجموع الخصائص التي يتمتع بها الانسان منذ الولادة وتكون مستقلة عن الاكتساب.
-         الفضيلة: تحمل هذه العبارة معاني متعددة، وتشير في هذا النص الى الافعال الأخلاقية التي تصدر عن الفرد من شجاعة وغيرية وصداقة ...
-         الحاجة: النقص والافتقار، وتشير الى كل ضرورة منبعها طبيعة الانسان مثل الاكل والشرب والنوم ...
أطروحة النص
يؤكد أرسطو أن أسمى أنواع العلاقات التي يمكن ان تنسجها الأنا مع الغير، هي علاقة الصداقة التي تقوم على الفضيلة فهي تدوم وتستمر بخلاف الصداقة التي تكون غايتها المتعة أو المنفعة فمصيرها الزوال.

حجاج النص

-         شبه أرسطو صداقة الفضيلة بالحاجات الشد ضرورة للحياة، والتي لا يستطيع الانسان أن يعيش دونها، فالحاجات الأشد ضرورة للحياة هي الأكل والشرب ...
-         قدم أرسطو أمثلة لبعض الحالات التي يكون فيها الانسان في حاجة الى الاصدقاء مثلا: الشاب يحتاج الى الصداقة لتعصمه من الزلات، والشيخ يحتاج اليها طلبا للعون والمساعدة ...، كما أن من سافر وتجول بين المدن سيرى كم أن الانسان يكون للإنسان شخصا جذابا وصديقا
-          رفع ارسطو من درجة الصداقة، فجعلها قادرة على أن تعوض العدل والقانون

تحميل ملخص مفهوم الغير PDF اضغط هنا
















تعليقات